سورة هود - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء} قبل أن خلق السماء والأرض وكان ذلك الماء على متن الريح.
قال كعب: خلق الله عز وجل ياقوتة خضراء، ثم نظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد، ثم خلق الريح، فجعل الماء على متنها، ثم وضع العرش على الماء.
قال ضمرة: إن الله تعالى كان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض، وخلق القلم فكتب به ما هو خالق وما هو كائن من خلقه، ثم إن ذلك الكتاب سبَّح الله ومجَّده ألف عام قبل أن يخلق شيئا من خلقه {لِيَبْلُوَكُمْ} ليختبركم، وهو أعلم، {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} أَعْمَلُ بطاعة الله، وأَوْرَعُ عن محارم الله تعالى. {وَلَئِنْ قُلْتَ} يا محمد، {إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ} أي: {مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ} يعنون القرآن.
وقرأ حمزة والكسائي: {ساحر} يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم.


{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} إلى أجل محدود، وأصل الأمة: الجماعة، فكأنه قال: إلى انقراض أمة ومجيء أمة أخرى {لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} أيُّ شيء يحبسه؟ يقولونه استعجالا للعذاب واستهزاء، يعنون: أنه ليس بشيء.
قال الله تعالى: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ} يعني: العذاب، {لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} لا يكون مصروفا عنهم، {وَحَاقَ بِهِمْ} نزل بهم، {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون} أي: وبال استهزائهم.
قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً} نعمة وسعة، {ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ} أي: سلبناها منه، {إِنَّهُ لَيَئُوس} قنوط في الشدة، {كَفُورٌ} في النعمة.


{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ} بعد بلاء أصابه، {لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} زالت الشدائد عني، {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} أشِرٌ بَطِرٌ، والفرح: لذة في القلب بنيل المشتهى، والفخر: هو التطاول على الناس بتعديد المناقب، وذلك منهيٌّ عنه.
{إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا} قال الفراء: هذا استثناء منقطع، معناه: لكن الذين صبروا {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فإنهم إن نالتهم شدة صبروا، وإن نالوا نعمة شكروا، {أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لذنوبهم، {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} وهو الجنة.
{فَلَعَلَّك} يا محمد، {تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} فلا تبلِّغه إياهم. وذلك أن كفار مكة لما قالوا: {ائت بقرآن غير هذا} [يونس- 15] ليس فيه سب آلهتنا، همَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يَدَعَ آلهتهم ظاهرا، فأنزل الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} يعني: سب الآلهة، {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} أي: فلعلك يضيق صدرك {أَنْ يَقُولُوا} أي: لأن يقولوا، {لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ} ينفقه {أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} يصدقه، قاله عبد الله بن أمية المخزومي.
قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ} ليس عليك إلا البلاغ، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} حافظ.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8